1)
يترك الإنسان بلاده تحت دافع البحث عن كثير من الأشياء المفقودة, و عندما يعود غانما, و قد اكتسب من غربته شيئا من النضج و المعرفة, سيخبر الناس حينها عن أماكن تواجد هذه الأشياء حولهم داخل الوطن.
(2)
ليست الغاية من الغربة هي رؤية "الجديد" و التعرف عليه, بل الغاية هي في استثماره في إعادة قراءة "القديم" بعين أكثر بصيرة.
(3)في الغربة, هناك الكثير من الأشياء الجميلة و المبهرة, و هي تولد في كل انسان الكثير من مشاعر النقص الطبيعية, لكن الفرق بين التجربة الناضجة و غيرها, أن النقص يكون دافعا في التجربة الناضجة لحب الوطن و إضافة ما يسد النقص, بينما في غير الناضجة يكون دافعا إلى ازدرائه و احتقاره.
(4)
من الناحية الفكرية البحتة, وجدت أن الغربة أداة قاتلة لثلاثة آفات خطيرة: الآراء و الانطباعات المسبقة بلا دليل, التعصب الأعمى, و العقلية الأحادية الضيقة.
(5)
قرأت قديما لسانت أوجستاين يقول: "العالم عبارة عن كتاب ثري كبير, و الذين لم يتحركوا من ديارهم لم يقرؤوا إلا صفحة واحدة فقط من الكتاب", و حين عثرت على الكتاب وجدت أن نصفه عبارة عن صفحات تركت بيضاء للحديث عن نبراسكا.
(6)
يغترب الإنسان من أجل أن يتعرف على ذاته جيدا في بلد غريب, ثم يرجع من أجل أن يعيش بقية حياته غريبا في بلده!
(7)
نبراسكا هي المكان الوحيد في العالم الذي لا يمكن التعرف عليه عن طريق الوصف, إنك بحاجة إلى أن تعيش فيها ردحا من الزمن كي تدرك حقيقتها و أسرارها, و غالبا لن تنجح.
(8)
الكثير يتساءل, لماذا اختار مكان بعيدا غريبا لأتغرب فيه, و لأول مرة أقول أن الاختيار قد يطرد تماما مع اختراق أبعد الأماكن في ذات الإنسان و عقله, و هي أماكن نائية لا يزورها أصحابها في الغالب.
(9)
إذا تزامنت معك تجربة الغربة مع تجربة الحب, فأنت حينها تمشي على خط رفيع جدا يفصل بين أقسى انتحار و بين المنتهى في الازدهار.
(10)
الغربة أشكال و مستويات, لكن أكثرها ألما بلا مقارنة هي عندما لا يكون المغترب الذكي مستعدا لاستقبال عواصف "التعرف على الذات".
(11)
يوما بعد يوم, ازداد يقينا أن كل وسيلة للتعرف على حقيقة الناس تبقى قاصرة جدا, و لا تتعدى في بعدها الإطار الشكلي, إلا وسيلة "الغربة"؛ فهي كاشفة فاضحة. و أزعم أني سأضيف يوما وسيلة جديدة هي "العمل الاسلامي".
(12)
المغترب يكتشف أن أجمل مخلوقات الله هي أمه.